5 أمور بنّاءة تعلمتها من وثائقي مايكل جوردن

للتو أنهيت مشاهدة سلسلة الوثائقي « The Last Dance» التي تحكي مسيرة لاعب كرة السلة الأسطوري مايكل جوردن. كانت السلسلة من أمتع ما شهدت خلال فترة الحجر، في كل مرة أنتهي من مشاهدة كل حلقة، أشعر أن هناك الكثير من المشاعر تغمرني: حماس، دهشة، احترام، حنين، تيّقُظ!

لذلك أريد أن أوثق في هذه التدوينة السريعة ٥ أمور بنّاءة استوقفتني أثناء متابعتي للسلسلة (أقول بناءة لأنه لا شك توجد أمور وسمات شخصية عند جوردن غير جديرة بالتبني أو الاحتفاء بها): قائمة الخمسة تحتوي على دروس يمكن اسقاطها على حياتنا العملية.

١) ضخ المشاعر في الأداء

استوقفني كثيرًا كيف أن جوردن في كل مرة يشعر بالغضب، بالاستياء، بالحزن أو حتى بالحب، كان يضخ كل هذه المشاعر في تمارينه ومبارياته، وكأنها الوقود التي يمده بالطاقة، الصراحة، كتابة هذه التدوينة جاء كمحاولة لتبني هذا النهج..تسيطر علي مشاعر الاستياء منذ الصباح، لذلك قررت أن أضخ مشاعر الاستياء هذه في الكتابة، وأتمنى أن أكون مثل جودران في هذه النقطة، أي أنني في كل مرة أشعر فيها بغضب، أو حزن، أو خيبة أمل، أستطيع أن أحول هذه المشاعر القوية إلى وقود لتحقيق أداء أفضل أو خلق قيمة معينة سواء من خلال الكتابة أو غيره.

٢) صغائر الأمور كدوافع للأمور الكبيرة

على مدى العشر حلقات تقريبًا ستجد جوردن يقول “This is it, that’s all I needed” أي «هذه هي! هذا كل ما أحتاجه» معلقًا بذلك على الدافع الذي جعله يقدم أداء فريد في هذه المباراة أو تلك. المثير للاهتمام أن معظم هذه الدوافع كانت أمور صغيرة وربما تكاد تكون تافهة في بعض الأحيان! كأن يقول له أحد تعليقًا تهكميًا أو لا يسلم أحدهم عليه، إلا أنه يأخذ الأمر بشكل شخصي ويحوله إلى دافع لتحقيق هدف كبير: الفوز في المباراة، أو أحيانًا سحق صاحب التعليق أو الحركة المستفزة..الشاهد في الموضوع هنا هو أننا أحيانًا لا نحتاج لدوافع كبيرة لتلهم أهدافنا، فربما لو بحثنا في الأمور التفاصيل الصغيرة اليومية سنجد ما يعيننا على الاستمرارية.

٣) المقاتلة لآخر نفس

رؤية مايكل يلعب بكل ما أوتي من طاقة في أكثر اللحظات التي كان فيها منهك جسديًا وذهنيًا هو أمر ملهم جدًا، خاصة في إحدى مباريات نهائيات ١٩٩٧ التي لعبها بعد تعرضه مباشرة بعد حادثة التسمم بالطعام، إلهي! ما هذه الإرادة التي تجعل جسدًا مترنحًا يقدم أداءً استثنائي كالذي قدمه!؟ ليس جوردن وحده بل الفريق كله كان متبنيًا لهذه الروح، مثل اللاعب «سكوتي بيبن» الذي كان يتلقى جلسات علاج طبيعي لظهره المتألم بعد كل ١٠ دقائق من لعبه في نهائيات البطولة السادسة للفريق. مدهش مدهش لأي مدى يستطيع أن يذهب الإنسان بجسده إن كمنت فيه الإرادة!

٤) خوض كل مباراة وكأنها الأخيرة

من أوائل الأشياء التي افتتح بها الوثائقي هي تعليق زملاء جوردن على أدائه بقولهم «طيلة مسيرته الرياضية، كان يلعب كل مباراة وكأنها المباراة الأخيرة»، وربما هذا أحد الأسباب التي تفسر النقطة السابقة – المقاتلة لآخر نفس، خوض كل مهمة، أو أمر، أو مشروع، وكأننا نقوم به للمرة الأخيرة، لا يجعلنا نعطي أفضل ما عندنا فحسب، بل يجعلنا في قمة التركيز والاستمتاع بالتجربة، وأنا لا أتكلم على الصعيد المهني فقط، بل حتى في الأمور الحياتية الأخرى، تخيل لو أننا عشنا يومنا بعقلية أنه أخر يوم نعيشه، أو تجمعنا مع أصدقاءنا أو عائلتنا وكأنه آخر لقاء معهم، كيف ستكون طبيعة هذا اللقاء؟

٥) الحضور وعيش اللحظة

بالنسبة لي، السلسلة كلها في كفة، والتعليق التالي الذي ذكر في الحلقة العاشرة في كفة أخرى:

Most people live in fear because we project the past into future. Michael is a mystic. He was never anywhere else. His gift was not that he could jump high, run fast, shoot a basketball. His gift that he was completely present. And that was the separator

«معظم الناس يعيشون في خوف لأنهم يسقطون الماضي على المستقبل، مايكل كان يتواجد في الزمن الحاضر فقط. موهبته لم تكن تكمن في أنه يستطيع القفز عاليًا أو الركض سريعًا أو تسديد الكرات. موهبته هي أنه يستطيع أن يكون حاضرًا تمامًا وهذا ما يميزه عن الآخرين».

ويضيف أحد زملائه بالتعليق أن جوردن «لا يسمح لما يعجز عن السيطرة عليه أن يؤثر فيه ذهنيًا» لذلك قد يقول جوردن «لماذا عساي أن أقلق بشأن الإخفاق في تسجيل رمية لم أسددها بعد!» أعتقد أن هذه النقطة تلخص لماذا جوردن أصبح مايكل جوردن، ففالنهاية الجسد لا شيء من دون نفسية وعقل قويين يشحذانه.

هناك بالطبع أمور أخرى جعلت من مايكل جوردن أيقونة، كتنافسيته الشديدة، وتركيزه علي الفوز مهما كانت الثمن، والظروف التي نشأ فيها، تعاونه مع الفريق، لكن أعتقد أن هذه الخمسة الأمور هي ما “تحدثت” إلي من خلال هذا الوثائقي، وألهمتني بفكرة “هممم أريد أن أصبح كاتبة جوردانية!”

–انتهى–

ملاحظة جانبية: بعيدًا عن قصة مايكل جوردن، مشاهدة تفاصيل المباريات وتخطيط المدربين كان جانبًا ممتع جدًا في الوثائقي، الأمريكان مدهشين بحق في هذا المجال، ذكرني هذا بمقطع طريف لتريفور نواه يعلق فيه على الرياضات في أمريكا.

انضم إلى قائمة القرّاء الرهيبين حتى تصلك مقالات مثيرة من هذه الغرفة الصغيرة!

4 ردود على “5 أمور بنّاءة تعلمتها من وثائقي مايكل جوردن”

  1. النقطة 1
    نهج الغضب ..
    كان جوردان كثيرا ما يتلفظ بالفاظ نابيه على زملائه
    Trash talking
    مما قد لا يناسب ويجرح زملائه ومنهم ستيف كير والذي اعتذر منه جوردان لاحقا .
    كما الغضب من الصفات المنهي.

    ربما نسميه حماس طاغي وهذا الاقرب لما كان يحصل
    وهو المشاهد في تدريبات كرة السلة خصوصا.

    1. الغضب غضب. هي مشاعر موجودة وحقيقية عند الإنسان وضروري نعبر عنها، كيف نختار نخرجها هذا يعتمد كل شخص منا، يقدر الشخص يركز على تفريغ مشاعر الغضب من خلال عمل شيء ذو قيمة (أداء متميز) ليس بالضرورة أن يرافق ذلك ألفاظ نابية وتعدي على الآخرين. في النهاية الواحد ياخد اللي ينفعه ويترك اللي ما ينفعه ببساطة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *