في كل مرة سئلت فيها، خلال طفولتي وفترة المراهقة، السؤال الكلاسيكي “ماذا تريدين أن تصبحي عندما تكبرين؟” كانت إجاباتي مختلفة، فتارة أقول “مخترعة” ثم “عارضة أزياء” أو “مؤذن” (إي والله، مؤذن!) أو “Business woman”، وأحيانًا أقول “شاعرة”! تعددت إجاباتي لكن ردة الفعل واحدة، ألا وهي “وي! إنت كل شوية تطلعي بشغلة جديدة؟”. المضحك في الموضوع أنني لازلت حتى هذه اللحظة من حياتي أتلقى ذات التعليق..
قد ننظر إلى مسألة تعدد الشغف على أنها إنعكاس لحالة ضياع أو تشتت، فالتوقع السائد أنك ستختار مجال واحد وتلتزم به مدى الحياة. وهذا غير مستغرب نظرًا لطبيعة الاقتصاد االناتجة عن عصر الثورة الصناعية والمنظومة التعليمية المرافقة له والتي كانت – ولا زالت – تهيأ البشر لسوق العمل وليس للحياة، وبالتالي، منذ صغرنا ونحن نُوجَّه لاختيار مهنة أو مجال واحد، ونُوجَّه لأن نكمل بقية حياتنا سواءً أكاديميًا أو مهنيا في هذا المجال.
وبالتالي، أن تكون صاحب شغف متعدد – أي أن تدرس أو تعمل في مجالات مختلفة عديدة – يعد أمر غير “طبيعي” وفقًا لهذه المنظومة الاقتصادية والتعليمية السائدة. لكن المثير للاهتمام أن مسألة تعدد الشغف لطالما كانت أمرًا متعارفًا عليه في السابق، فتجد أن الأمر شائعًا في التاريخ الشرقي القديم، فالكثير من علماء المسلمين عرف عنهم الموسوعية وتعدد المجالات، فمثلاً العلامة الأندلسي لسان الدين ابن الخطيب، انخرط في الأدب، والتاريخ، والجغرافيا، والرحلات، والشريعة، والأخلاق، والسياسة، والطب، والموسيقى، وعلم النبات [١]. الأمر ذاته نجده في علماء عصر النهضة الأوربي أمثال غاليليو وليوناردو دافنشي. وبالرغم من هذا، نؤمن بل ونبشّر بمقولة “سبعة صنايع والبخت ضايع”.
بعيدًا عن السياق التاريخي والأمثال الشعبية، من الأشخاص الذين يلهمونني في حياتي اليومية فيما يتعلق بمسألة تعدد الشغف، هي صديقتي مديحة خياط. مديحة درست صيدلة ٤ سنوات ثم غيرت تخصصها إلى علم نفس حيث أمضت ٤ سنوات أخرى في الجامعة. بعد تخرجها اشتغلت في مجال التعليم بالترفيه (Edutainment) في شركتي يوتيرن وتام، ثم عملت في مجال إدارة العمليات (Operations management) في شركة صيانة معدات طبية، وهي مدربة سباحة معتمدة، ومحاضر بجامعة عفت، وأسست مشروع “حكواتي” لتوفير كتب الأطفال، ومشروع “بهجة” لنشر ثقافة البستنة والتشجير.
ومن حسن حظي، سنحت لي الفرصة أن أجري معها حوارًا شيقًا حول تجاربها من خلال إحدى اللقاءات التي تقيمها منصة. هناك الكثير من النقاط المهمة التي طرحت في الحوار الذي امتد لساعتين لكني سألخص بعضها في هذه النقاط السبعة:
١- وجود الترابط بالرغم من الاختلاف الظاهر
عندما يرى معظم الناس شخصًا ذا شغف متعدد، فغالبًا السؤال الأول الذي يتبادر إلى أذهانهم “ما علاقة هذا بهذا؟”، لكن الأمر عند صاحب التعدد مختلف، ففي ذهنه كل الأمور مرتبطة، مثلاً، بالنسبة إلى مديحة، بالرغم من أنها لم تكمل في مجال الصيدلة إلا أن معرفة الأربعة سنوات فادتها كثيرًا كأم في التعامل مع المشكلات الصحية التي يتعرض لها أطفالها وعائلتها، كما أنها فادتها كثيرًا عندما عملت في شركة صيانة المعدات الطبية، أيضًا، عندما عملت في إدارة شركة الصيانة، وظفت علم النفس في قيادة الموظفين وإدارة التغيير والتحول الاستراتيجي التي كانت تخوضها الشركة آنذاك. بيت القصيد: كل مجال نخوضه مهما بدى مختلفًا، لابد وأن نخرج منه بمهارات ومعارف ستفيدنا في وقت لاحق من حياتنا، حتى وإن بدى الأمر غير منطقي في البداية.
٢- النمو الطولي في مقابل النمو العرضي
لدى مديحة فلسفة جميلة فيما يتعلق بالنمو المعرفي لدى الإنسان، فتقول: هناك نمو طولي: وهو أن يختار الإنسان مجال/تخصص واحد ويتقدم فيه أكاديميًا (البكالوريوس، الماجستير، الدكتوراة)، ومهنيًا (أي التقدم في المناصب والسلم المهني: مشرف، مدير، رئيس إدارة..إلخ). هذا النوع من النمو، معروف، ويسهل قياسه وله شهادات عدة وهو النوع الذي “يصفق” له المجتمع، لأن مفهوم النجاح التقليدي مرتبط به.
أما النمو العرضي، فهو عندما يتخذ الشخص مسارات مختلفة، فتكون لديه شهادة متقدمة في الهندسة مثلاً، وشهادة أخرى في تدريب اللياقة البدنية، ولديه اهتمامات في مجالات أخرى من الصعب قياس التقدم فيها، مثل الطبخ، أو الكتابة..إلخ، وهذا النوع لا يصفق له المجتمع، وهو ما يخلق ضغط على صاحب الشغف المتعدد، وربما احساس بعدم الإنجاز والفشل. بالرغم من أن هذا النوع من النمو في العادة يخلق عند الشخص أنواع ذكاءات ومهارات مهمة لكنها مختلفة عن تلك التي يخلقها النمو الطولي.
بيت القصيد: حتى وإن كان النمو العرضي أمر لا يصفق له المجتمع، فإن له قوته ميزاته الخاصة التي يجلبها للإنسان، والتي تجعله بدورها يتميز في أداءه ونظرته للحياة بشكل عام.
٣ – مشكلة الإلتزام والمسؤولية
من أكثر التحديات التي قد تواجه صاحب الشغف المتعدد، هو عدم القدرة على الاستمرارية في شيء واحد، فبعد فترة، يشعر الشخص أنه قد مل وأن عليه الانتقال لأمر أو “مغامرة” جديدة سريعًا، مع الوقت قد يدخل الشخص في دائرة جلد الذات والإحساس بالذنب نظرًا لعدم مقدرته على اتمام ما بدأه. هنا تقول مديحة: “أول ما قمت به هو محاولة كسر دائرة جلد الذات وحواري السلبي مع نفسي”، فقامت بأخذ عهد على نفسها أنها في كل مرة تدخل في إلتزام معين تتمه حتى النهاية، فمثلاً قررت أن تشارك في سباق السبارتان ماراثون في البحرين، لا بهدف الفوز، ولكن بهدف تغيير حوارها مع ذاتها والتأكيد على أنها قادرة على الإلتزام بإنهاء شيء كانت قد بدأته. أيضًا تضيف مديحة أنها حتى تضمن إلتزامها، فقد وضعت لنفسها عدة شروط عن خوض أي تجربة/مجال جديد: ١) أن تعطيه حقه بالكامل، أي أن تخصص له الوقت والجهد والتركيز إلى أن ينتهي. ٢) لا بد أن يكون عمل/جهد مستدام، لذلك هي دائما ما توثق المخرجات أو تخلق منظومة يستفيد منها الآخرون من بعدها (حتى لا يذهب الجهد سدى). ٣) إن لم تكمل في هذه التجربة/العمل ٦ شهور فهذا يعني أنه ليس اهتمامًا حقيقيًا وبالتالي لا يستحق أن تستثمر فيه وقتًا أو جهدًا.
هنا أود التأكيد على النقطة الأولى كثيرًا، شخصيًا أؤمن أن “من أراد كل شيء لن يصل لأي شيء” لذلك كون الشخص متعدد الشغف، لا يعني ذلك بالضرورة أن يقوم بكل شيء في الوقت ذاته، بل أن يعطي كل مجال وقته والجهد والتركيز المناسب، ومن ثم ينتقل لشيء آخر/جديد. بيت القصيد: يمكنك دائمًا أن تخلق الظروف والبيئة التي تعينك على الإلتزام، لكن ما يهم قبل كل ذلك هو حوارك مع ذاتك.
ومن الجدير بالذكر أن مديحة عملت في أماكن أو خاضت تجارب بعيدة كل البعد عن اهتماماتها وماهي شغوفة به، فمثلاً عملها في إدارة العمليات بشركة الصيانة لم يكن أمر ترغب به لكنها كانت مضطرة من باب تحمل المسؤولية، وفي تلك الفترة ركزت على المهارات والخبرات العملية التي ستكتسبها، مثل التخطيط الاستراتيجي والتخطيط المالي..إلخ. بيت القصيد: قد نضطر أحيانًا إلى أن نعمل في مجالات لا تهمنا أو لا نشعر أن هذا هو “شغفنا” في الحياة، وهذا أمر طبيعي ومتوقع نظرًا للظروف المادية أو غيره، لكن في هذه الحالة يمكننا التركيز على المهارات التي يمكن أن نخرج بها بدلاً من أن نركز على المجال. شخصيًا أجد أن معظم الأطروحات الحديثة حول الشغف مبالغ فيها، وأصبح هناك هوس بالبحث عن الشغف (وكأنه الكنز المفقود!)، هذا تيد توك جميل حول وجهة النظر هذه بعنوان “توقف عن البحث عن شغفك” (Stop Searching for Your Passion)
٤- عدم التفرقة بين المجالات والاهتمامات والهوايات
اتفق مع مديحة تمامًا في أن إحدى البلاءات التي كتبت علينا من خلال المنظومة التعليمية التي نشأنا فيها هي ضيق الأفق، فمعظمنا لم يتعرض لمجالات، واهتمامات، وهوايات مختلفة وجديدة في المدرسة. بل لم نتعلم كيف نفرق بين هذه الأمور. وهو ما شكل الكثير من اللبس وحس التشتت لدينا، فمثلاً، في السابق كانت تظن مديحة أن “التعليم بالترفيه” مجالاً قائمًا بحد ذاته، لكنها استوعبت لاحقًا أنه قيمة يمكن توظيفها في أي مجال. وتؤكد أيضًا أن الشغف قيمة، وليس تخصص دراسي/مهني، فلو نظرنا إليه على أنه تخصص ما، فقطعًا سنشعر بالتشتت، أما لو نظرنا إلى الشغف كقيمة، فسيعطينا ذلك مساحة واسعة نتحرك من خلالها. مثلاً قيمة حب التعلم تسمح لك أن تكون في عدة أماكن، كذلك الشغف بخدمة الناس أيضًا يضعك في عدة أماكن.
«الشغف قيمة، وليس تخصص دراسي/مهني»
نقطة أخرى هنا وهي أننا لم نخض تجارب ونتعرف على هوايات واهتمامات مختلفة في صغرنا، فمن الطبيعي أن نرغب في تجربة الكثير من الأشياء في وقت لاحق من العمر. بيت القصيد: عدم حسن التفريق بين المجالات، الهوايات، الاهتمامات قد يكون السبب وراء الاحساس “باللخبطة”، محاولة فهم الفروقات وتوظيفنا لكل منها، قد يساعدنا كثيرًا.
٥ – خوض المسار الأكاديمي وتكوين المعرفة
أحد الجمهور الحاضرين سأل مديحة سؤالاً مهمًا وهو كيف نوفق بين أهمية خوض السلك الأكاديمي وتعدد الشغف، خصوصًا أن تعدد الشغف قد خلق فئة لا تؤمن بالمرجعية العلمية، فتجد مثلاً هناك من يقول أنه موسيقار لكنه لم يدرس أيًا من نظريات الموسيقى وبالتالي ليس لديه الفهم الكافي الذي يمكنه من إنتاج موسيقى ذات جودة ممتازة. هنا أكدت مديحة على أهمية خوض السلك الأكاديمي، تحديدًا الجامعة، إيمانًا منها بأن المهارات – لا بالضرورة المعارف – التي نكتسبها من الجامعة تصنع فارقًا كبيرًا في خبراتنا ونظرتنا للأمور، مثل مهارة البحث، ومهارة كتابة التقارير..إلخ.
شخصيًا، لدي وجهة نظر مفصّلة هنا، أولاً، علينا أن نعي أن هناك مستويات مختلفة للمعرفة: معرفة بسيطة، معرفة، سطحية، معرفة عميقة، احتياجنا لمستوى المعرفة يختلف بحسب غرضنا من خوض المجال/الشغف، مثلاً لو أردت أن أصبح طبيبة/محامية/مهندسة فأنا أحتاج تكوين معرفة عميقة حتى أتمكن من ممارسة هذا المجال، وفي الغالب، السلك الأكاديمي هو السبيل الأول لتكوين هذا النوع من أنواع المعرفة. لكن إن كنتُ مجرد مهتمة مثلاً في البحث وفهم القوانين المحلية والدولية، فستكفيني المعرفة السطحية من خلال الكتب والمصادر العلمية الأخرى.
ثانيًا، السلك الأكاديمي ليس السبيل الوحيدة لتكوين معرفة عميقة، يمكن تكوين معرفة عميقة في مجال معين – مثل الموسيقى – دون خوض المسار الأكاديمي (الجامعة/المعهد)، فيكون ذلك من خلال الممارسة المطّولة، البحث فيه، قراءة ودراسة المراجع فيه، تكوين شبكة علاقات مع مختصين فيه، أخذ دورات تدريبية فيه إلخ. لكن هناك بعض المجالات التي لا نزال لا نستطيع أن نمارسها/نكون معرفة عميقة فيها دون خوض المسار الأكاديمي كالطب على سبيل المثال. بيت القصيد: فهمنا إلى أي مدى نريد أن نمارس أو نخوض مجال معين سيساعدنا على تحديد مستوى المعرفة التي نحتاج إلى تكوينها.
٦- الفضول، والطفل الداخلي
من المعروف عن الأطفال “لقافتهم” وحبهم لاستكشاف ومعرفة كل شيء! جميعنا عشنا هذه الحالة يومًا من الأيام، نريد أن نعرف لمجرد أن نعرف لا لأن نحول هذه المعرفة إلى “منتج”، “بيزنيس”، أو “مبادرة إجتماعية! توصي مديحة بأن نسمح لأنفسنا أن نعطي هذا الفضول حقه ونتبعه. في حالة مديحة، مشروع “بهجة” بدأ بتساؤل قبل سنتين من قبل طفليها: “ماما ينفع ناكل التراب؟!” دفع هذا التساؤل مديحة للبحث في التربة وعلم النباتات، وجدت نفسها مندهشة أكثر وأكثر حتى تحول الأمر إلى شغف تُوّج على شكل مشروع كانت مخرجاته: دورات تدريبية، ومناهج تعليمية في بعض المدارس الخاصة، وشبكة علاقات مع المزارعين في مختلف أنحاء المملكة، و ومبادرات تشجير وإعادة إحياء الحدائق العامة. بيت القصيد: حتى وإن وجدت نفسك مهتمًا بالبحث في أمور لا تعرف ما الغاية منها، لا بأس في أن تتبع هذا الفضول…لا تعلم إلى أين سيقودك في يوم من الأيام.
٧ – العامل الاقتصادي/المادي
هذه النقطة لم يتطرق إليها حواري مع مديحة في لقاء “عالمنصة” بشكل كافي للأسف، لكن يهمني أن أدرجها هنا لأني أعتقد أنها النقطة الأهم التي تشغل أذهان الكثيرين، ألا وهي :”أريد أن أخوض مجالات متعددة واتبع فضولي وشغفي، لكني في نهاية اليوم أحتاج إلى أن أجني دخل مادي يضمن لي حياة كريمة”.الصراحة، هذه إشكالية تواجهه أصحاب الشغف المتعدد وأصحاب النمو العرضي، العامل المادي يشكل تحديًا كبيرًا، فاهتماماتك المتعددة قد لا تكون مصادر لجني دخل كافي، أو على الأقل أنك ستحتاج لجهد مضاعف لتحولها إلى مصدردخل كافي. بيت القصيد: قد لا نستطيع التفرغ لخوض جميع المجالات التي تهمنا بسبب الظروف الاقتصادية، لكن تبقى هناك أمور بسيطة يمكننا فعلها حتى نشبع هذه الاهتمامات والفضول مثل القراءة أو البحث أو الممارسة بشكل بسيط في هذا المجال لا بالضرورة تأسيس “مشروع” أو بدأ مهنة فيه.
–انتهى–
كل الشكر لفريق منصة على توفير مساحة لعقد هذا الحوار الذي شكل مادة لهذه التدوينة، وكل الشكر لصديقة القلب ورفيقة الدرب مديحة خياط على طرحها أفكار ومرئيات ملهمة ومثيرة للتفكر والاهتمام.
١ فبراير ٢٠٢٠
المصادر
[١] Travelers of Al-Andalus, Part VI: The Double Lives of Ibn al-Khatib
انضم إلى قائمة القرّاء الرهيبين حتى تصلك مقالات مثيرة من هذه الغرفة الصغيرة!
ممتنة كثيرًا لهذه التدوينة🌸
شكرًا لمرورك الجميل نوارة
روعه جدا جدا وجات في وقتها مديحه خياط تشبه زوجي كثيرا فهو فعلا متعدد الصنائع وكل شي يبدأ فيه لا ينهيه ثم ينتقل الجديد وبعدها تبدأ مرحلة جلد الذات ولكن هذا النوع من الناس متعددي الشغف أرى انهم اكثر من يصنع الفرق في كل شي لأنهم خاصو الكثير من التجارب
قليل من كل شئ وكثير من شئ فالمعرفة الشمولية تعطي ثقافة عامة ومعرفة متخصصة تؤدي الى نجاح وتميز وكلاهما نحتج لهما بالحياة شكرا لك على هذه المعلومات والشكر لصديقتك مديحة على شغفها ومعللوماتها
شكرا لك عنود
حوار رائع!
قبل فترة طحت على فيديو عنوانه “Why some of us don’t have one true calling” وكان يتكلّم عن مصطلح ال(multipotentialite) وهم الناس اللي كل فترة عندهم إهتمام! كأني وجدت كنز، لأنه كان هذا بالضبط وضعي في الحياة، كل فترة أنشغل في حاجة معيّنة ومن ثم بعد فترة أتشبع. أيميلي عندها كتب عنوانه (how to be everything) يتكلم عن هالنمط من الحياة وكيف ممكن تكسب منه دخل. الكتاب رائع جداً. على الأقل عند قرائته تعرف أن حالة مديحة طبيعية!
عندي تجربة وظيفياً إني تنقلت بين أمور مختلفة في ظاهرها غير مترابطة ولكن في أساسها بينهم ترابط. الأماكن الغير تقليدية (شركات ناشئة) تستطيع فهم الخبرة بشكل جيد وتجد القيمة في الشمولية، بينما الشركات التقليدية التي عادة تستقبل مرشحين بنمو طولي يستغربون من الخبرة ويبدون تخوّف من تعيينك مع أنك مؤهل للعمل، ولكن لاتبدوا خيار آمن 😄
شخصياَ أعتقد أننا نحتاج لأشخاص أكثر متنوعين المجالات (multidisciplinary people) ومتخصصين في نفس المنظومة لإكمال بعضهم
[…] هل لو كنت بسبعة صنائع سيكون بختك ضائع؟ سؤال مهم وإجابة رائعة. […]
تسلم يدكـِ جبتيها من الآخر:
“بيت القصيد: قد لا نستطيع التفرغ لخوض جميع المجالات التي تهمنا بسبب الظروف الاقتصادية، لكن تبقى هناك أمور بسيطة يمكننا فعلها حتى نشبع هذه الاهتمامات والفضول مثل القراءة أو البحث أو الممارسة بشكل بسيط في هذا المجال لا بالضرورة تأسيس “مشروع” أو بدأ مهنة فيه.”
تدوينة رائعة و جات في وقتها أيضًا . الموجه العارمة لـ “إتبّاع الشغف” صارت تشكل ضغطًا وشتاتًا أكبر كأنها فعلًا الكنز المفقود مالم تجدها فأنت بلا قيمة .
أحب الناس متعددي الشغف والمنفتحين على الحياة ، غير أني لا أعتقد أنه يجب أن يطول به الزمن وهو لم يتقدم في أي ممّا هو شغوف به ولو على صعيد شخصي .. أشعر كذا أنها رحلة شتات لا تنتهي فعلًا إلّا بالشعور بالخيبة والفشل من فترة لأخرى .
كما أني أصبحت مؤمنة أنه لا بأس بأن تعمل في مكان لا يناسب شغفك ، ومما تجنيه منه تمارس شغفك . أي يصبح العمل وسيلة لغاية .
*
خليني أشيد بطريقة سردك ، خرجت من تدوينة قصيرة بكمّ هائل من التساؤلات والأفكار . لطيفة وخفيفة وغنية جدًا . شكرًا جزيلا لك ِ
شكرًا لك أميرة
قد لا نستطيع التفرغ لخوض جميع المجالات التي تهمنا بسبب الظروف الاقتصادية، لكن تبقى هناك أمور بسيطة يمكننا فعلها حتى نشبع هذه الاهتمامات والفضول مثل القراءة أو البحث أو الممارسة بشكل بسيط في هذا المجال لا بالضرورة تأسيس “مشروع” أو بدأ مهنة فيه.
الله يرضى عليك ياعنود، لي كم يوم أفكر إني قضيت ثلاث سنوات في مجال واحد وأحس بالاختناق وأرغب بالالتفات لاهتماماتي الأخرى لكن العائد المادي من مجالي مجزي وهو أولوية عندي، بحثت وفكرت وقرأت آراء الناس واحترت جدا، أؤمن ان لكل شخص نمط حياة يناسبه وأولويات خاصة به لذا كانت نهاية هذه التدوينة كأنها طبطبة، ممتنة جدا
شكرا لك، اسعدني تعليقك
اكثر من رائع …