هل يكون اختيار «الهراء» حلاً ممتازًا أحيانًا؟

تنويه: لا توجد رسالة، أو هدف، أو فائدة، أو أفكار قيّمة وراء هذه التدوينة، لذلك إن كانت لديك أمور هامة، انصحك بإغلاق الصفحة والانصراف إلى مشاغلك. (لا تقل أنني لم أحذرك! اللهم بلغت، اللهم فاشهد).

حسنًا، أريد أن اعترف أني دخلت هذا العام بمزاج مكتئب، أصابتني نوبة “تشكيك” حادة، أعني بذلك الحالة التي تشعر فيها أنك تشك في كل قراراتك وكل اختياراتك في الحياة. فجأة شعرت بالخوف الشديد، بل بالرعب، لم أعرف مع من يجدر بي الحديث عما أمر به، فآخر شيء أود أن اسمعه هو عبارات تشجيعية مثل «تفاؤلوا بالخير تجدوه» أو «كل شيء سيكون على ما يرام».

لكن لحسن الحظ لدي قلة من الأصدقاء الذين يحترمون موجات الاكتئاب، ولا يسعون لأن ينتشلون الشخص منها أو يغرقون الشخص بالعبارات الايجابية التشجيعية بغرض تجاوز المشاعر غير المريحة التي تصاحب الحديث عن الاكتئاب. الأمر المدهش أنه بعد حديثي مع البعض اكتشفت أنني لست الوحيدة التي أشعر بالخوف والقلق من الأيام القادمة، اكتشفت أنني لست الوحيدة التي تحاول التظاهر بأنها في مزاج احتفالي بمناسبة بدأ العام الجديد، والأهم من ذلك كله، اكتشفت أنه من الطبيعي جدًا أن يشكك الإنسان في قراراته واختياراته بين الحين والآخر. هذه ليست علامة ضعف أو فشل أو انهيار! في الحقيقة، شعرت بتحسن كبير عندما علمت أن الأشخاص الذين يبهروني دائمًا، وانظر لهم بعين الاعجاب، وأعتقد أنهم فعلوا الشيء “الصح” واتخذوا القرارات “الصح” وحققوا “النجاح” في حياتهم، هم أيضًا تراودهم بشكل متكرر نوبات الاكتئاب والتشكيك القاسية في أنفسهم وقراراتهم.

الآن، أكثر من أي وقت مضى، استوعبت أنه مهما بدونا متألقين وسعداء وراضيين، كل واحد منا لديه جرح عميق في صدره، لكنه جرح غير مرئي، قد يعلم المقربون شيئًا عن هذا الجرح، لكننا في الغالب نضع رؤوسنا على المخدة نهاية كل يوم ونحتضن هذا الجرح الذي لا يراه أحد من البشر سوانا.

الأمور/الأفكار/المشاعر التي نعتقد أننا نعيشها وحدنا، هي بالضبط ذات الأمور/الأفكار/المشاعر التي يعيشها الكثير من حولنا، لكن على الأرجح مشاعر الخزي والعار، أو الخوف من اطلاق الأحكام علينا، أو الخوف من الظهور بمظهر الضعيف هو ما يمنعنا من أن نتحدث بصراحة عما نفكر/نشعر به، وبالتالي يقبع كل منا في بئر يعتقد أنه الوحيد العالق فيه.

حقيقةً أنا لا أعرف لماذا كتبت ما كتبت أعلاه، فالخطة كانت أن أكتب تدوينة عنوانها «هل جيل الألفية مفرط الحساسية؟»، وقد بدأت في البحث عن مقالات أكاديمية ودراسات عن هذا الموضوع، يوجد ١٤ تاب (tab) مفتوحة الآن على شاشة متصفح الانترنت لدي، عقلي يحاول جاهدًا أن يركز ويفكر، لكني لم استطع اكمال البحث، توقفت، قلت ربما المشكلة في الموضوع لأنني لم أجد مصادر موثوقة تجيب على الأسئلة التي في ذهني، ففكرت أن أكتب عن موضوع آخر، فتحت قائمة المسودات، لدي ٢٧ فكرة لمقال/تدوينة حاولت أن أختار إحداها وأبني عليها، لكني لم أنجح في ذلك أيضًا..

وجدت نفسي بين خيارين: إما أن أكسر الميثاق الغليظ الذي بيني وبين مقالات السبت ولا أنشر شيئًا اليوم، أو أن أكتب تدوينة هرائية “حلطمية” لا تضيف أي قيمة للقارئ لأني “مفلسة ذهنيًا” في هذه اللحظة، بالطبع اخترت الخيار الثاني، للأسف..

أما أنت، عزيزي القارئ، فإذا وصلت إلى هذا السطر، أريد أن أحييك على فضولك الذي دفعك لمتابعة القراءة بالرغم من علمك المسبق أنها لن تضيف لك أي قيمة.

أتمنى أن تكون بداية عامك أكثر إشراقًا وتفاؤلاً.

–انتهى–

13 ردّ على “هل يكون اختيار «الهراء» حلاً ممتازًا أحيانًا؟”

  1. هذه تدوينة *علاجية.. سي.اس.لويس يقول: “نقرأ لنعرف أننا لسنا وحدنا” ولذلك أنهيتُ قراءة هذه التدوينة على الأغلب، ولكننا نكتب ونشارك الآخرين ما نفعل أو نسمع ونشعر لنعرف أننا لسنا وحدنا أيضًا. عسى أن تكون أيامك القادمة أقل هراءً وأجمل

  2. على العكس ياعزيزتي اضفت الكثير بهذه المقالة لنا ربما كل يرى المقالة من وجهة نظره فانا رغم ماكتبيتيه وجدت ضالتي بين طيات حروفك شكرا لك بانتظار قلمك السبت القادم

  3. على العكس المقالة تحمل الكثير بين كلماتها لقد اضفت لنا الكثير برغم قلتها شكرا لك وبانتظار قلمك السبت القادم دمتي بسلام ومحبه

  4. شكرا على هذه التدوينة الخفيفة التي لامستني
    و احب اضيف ايضا في بعض الاحيان ليست مشاعر الخزي و العار أو الخوف من الأحكام أو من الظهور بمظر الضعيف هو ما يمنعنا ، عدم وجود أشخاص تأخذ كلامك على محمل الجد قد يكون أحد الأسباب أيضا

    1. شكرا لك عبد العزيز، اتفق مع نقطتك، التحدي إننا نحاول نشتغل على تحسين التواصل مع الأشخاص اللي يعنوا لنا ونعي لهم الكثير، التواصل العميق والانصات في الغالب ليس سمة فطرية، هي أشياء نتعلمها ونشتغل عليها، ونساعد الآخرين كمان إنهم يطوروها

  5. في السابق كنت أتجنب التدوينات الشخصية التي أراها لا تضيف شيئًا وغيرها من الأسباب. لكن حين بدأت في نشرها لاحظت أن الآخرين يحبون الكلام الذي يلامس قلوبهم وأن يعملوا كم تتشابه دواخلنا أحيانًا!
    لا زلت أُفضل التدوينات التي أقدم بها معلومة جديدة، لكن من حين لآخر يخرج مثل هذا النوع من “الثرثرة” .
    وبالمناسبة أحب أن أقرأ المزيد من هذا لكِ 🙂

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *