الدليل التام في فهم المدير العام: نصائح غير جدية للتعامل مع مديرك

بينما كنا أنا وزميلاتي في العمل ننتظر وصول وجبة الغداء، اتصل المدير العام على إحداهن وطلب منها الحضور إلى مكتبه، بدا على هذه الزميلة التوتر فورًا فهي حديثة عهد بالعمل في هذا المكان ومع هذا المدير تحديدًا، نزعتي الدائمة إلى أن أكون “المتحدث الرسمي” عن المدراء قادتني إلى أن اشرح لها بعض التوقعات وما يمكن فعله في السيناريوهات المختلفة.

مع سنوات الخبرة أصبحت أرى أن هناك بعض الصفات/الأمور التي يتشابه فيها الكثير من المدراء -سأقول في القطاع الخاص لأني لم اشتغل يومًا في القطاع الحكومي- ففكرت في مشاركة بعض هذه الأمور، خاصةً وأنني رأيت كيف أن عدم استيعابها أدى في أحيان كثيرة إلى وجود تحديات لبعض الموظفين الذين عملت معهم، خصوصًا أولائك الذين ما زالوا في بداية مشوارهم المهني/الوظيفي، لذلك إليك ٥ نصائح غير جدية للتعامل مع مديرك.

١) احضار الحلول لا المشكلات 

Screen Shot 2019-04-04 at 8.47.11 AM

الكثير من المدراء لا يميلون إلى تلقينك الحلول بالملعقة، هم وظفوك ابتداءاً لأنهم يريدون أن تجد حلولاً لمشكلات العمل، وبالرغم من أن هذه النقطة جدًا بديهية إلى أنني رأيت الكثير من الموظفين الذين لا يستوعبونها، حتى أولائك الذين تمتد خبرتهم لأكثر من ١٠ سنوات! لذا يجدر بك -وحتى تحفظ ماء وجهك ياعزيزي- في كل مرة ترفع فيها مشكلة إلى مديرك، أن تقدم  مقترح أو اثنان لحلها، حتى وإن كانت الحلول التي تقدمها غير جيدة بما فيه الكفاية، فأنت على الأقل تؤكد لمديرك أنك مبادر، و أنك بذلت مجهود لإيجاد طرق للتعامل مع التحديات بدلاً من «الحلطمة»! صدقني المدراء يعشقون «حلاّلي المشاكل».

٢) الإجابة على: صفر أم واحد؟! أبيض أم أسود؟!

Screen Shot 2019-04-04 at 9.37.45 AM

هل جربت يومًا أن تستدعى للتحقيق من قبل ال FBI ؟ أتمنى أن تكون اجابتك لا! أنا لم أجرب أيضًا (الحمد لله!) لكني كنت أخوض تجربة مشابهة في كل مرة أذهب فيها إلى مكتب المدير العام دون أن تكون لدي تصورات/أجوبة واضحة عن أمر ما يتعلق بالعمل، أتذكر أنه كان يقول لي «ايش يعني يمكن؟ ايش يعني المشروع خلص بس فيه أشياء ما اتقفلت؟ اتقفل ولا ما اتقفل؟ صفر ولا واحد؟ أبيض ولا اسود؟ ابغى إجابة واضحة»، لذلك أصبحت أحضّر إجابات واضحة في ذهني قبل الحديث معه حتى أتجنب الضغط النفسي الناتج عن الاستجواب الفيدرالي، وغالبًا ما أجد هذا مفيد على الصعيد الشخصي لأنه يمكنني من رؤية الأمور بشكل أوضح، لكن قد يكون مديرك نفسه مشتت التفكير ولا يملك تصورات/إجابات واضحة، في هذه الحالة ستسدي خدمة عظيمة له ولك إن بذلت الجهد لوضع تصورات وأجوبة واضحة ومحددة حتى تكون اجتماعاتكم مثمرة أكثر.

٣) الابتعاد عن الكلمات المحرّمة 

Screen Shot 2019-04-04 at 9.14.21 AM

في شريعة مديري المهنية كلمة (Waiting) «انتظار» كلمة محرمّة، استوعبت ذلك بعد عدة مواقف رأيته يغضب فيها كلما ذكر أحدهم عنده هذه الكلمة، مثلاً كقول «الآن أنا انتظر الرد من الإدارة الآخرى، نحن في انتظار موافقة العميل» من وجهة نظره “Waiting is not an action” أي أن الانتظار ليس فعلاً أو عملاً، لذلك من الأولى أن تبادر بالقيام بأمر ما بدلاً من الانتظار، أعلم أنه في بعض الأحيان يكون الأمر فعلاً خارج عن إرادتنا، لذلك في هذه المواقف كنت أتحايل وأعبر عن الوضع دون استخدام الكلمة المحرمة، مثلاً «تواصلت مع العميل وقال أنه سيرد علينا بعد أسبوع»، لكن الصراحة أنا اتفق معه تمامًا وأرى أن ٩٥٪ من مشكلات التأخر سببها أن الموظفين تقاعسوا عن اتخاذ أي فعل، عمومًا أعتقد أن معظم المدراء (والناس بشكل عام) لديهم كلمات تثير حفيظتهم أو حتى غضبهم، لذلك من الحكمة أن تعرف ماهي الكلمات التي يُحبذ تجنبها أثناء الحديث معهم. عدا ذلك من الأفضل أن نستخدم لغة توضح أننا فاعلين، استباقيين (Proactive) لا أننا في انتظار الآخرين ليقوموا بأمر ما. 

٤) قراءة تعابيير الوجه

Picture1

كانت لمديري علامة واضحة تدل على أن ما يسمعه لا يعجبه! وهي أن يرفع أحد حاجبيه، وكل من يرى هذه العلامة من فريق العمل عادةً يعرف أن هناك خطب ما، أو بالأحرى أنه في ورطة! فائدة مهارة قراءة الوجوه في هذا السياق هي أنها تمكنك من استدراك الوضع، وتغيير دفة النقاش لصالحك بدل أن تكون ضدك، وبشكل عام تحدّث الكثير من رواد الذكاء العاطفي عن أهمية فهم واستخدام تعابيير الوجه في تنمية مهارات التواصل مع الآخرين.

٥) التعايش بسلام مع “لنفعل هذا..لنفعل ذاك”!

Screen Shot 2019-04-04 at 12.33.32 PM

سؤال: كم مرة اتفقت أنت ومديرك على العمل على أمر ما وبعد الانتهاء منه يقولك لك: «دعنا نغير هذا ونفعل ذاك» و«الذاك» يا أعزك الله بالطبع لا يمت بأي صلة لل«هذا»! فتجد نفسك تعيد العمل من البداية، اتفهم مشاعرك صدقني واعلم أن هذا الأمر قد يقفدك صوابك، لكن لحظة! دعنا نكون صادقين، إذا كانت هذه التغييرات فعلاً تقود إلى نتائج أفضل، فمالمشكلة؟ اعلم أنه جهد إضافي، ولكن يؤدي إلى نتيجة أفضل؟ طالما أنك لن تضطر إلى العمل على هذه التغييرات في الليالي الملاح، اعتقد أن الأمر لا بأس به، شخصيًا حتى وإن كنت لا أحب هذا الموقف، فأنا متأكدة أنني إن كنت في موقف مديري -أو قائد الفريق- وأتتني أفكار أفضل تضطرنا إلى تغيير مسار العمل، فالبطبع سأتبناها! إن لم تقتنع بعد، دعني أحاول مرة أخرى، ماذا لو قلت لك أن التعامل مع هذا الأمر بروية وتعايش وسلام سيكسبك توازنًا داخلي أكبر من ذلك التي تمتلكه أفضل معلمة يوغا في قلب بانقَلور!…حسنًا ربما أبالغ بعض الشيء!

الآن علي أن اعترف أن معظم المدراء والقادة الذين عملت معهم كانوا رائعين وملهمين وقريبين جدًا إلى قلبي، بالرغم من ذلك كانت هناك تحديات أثناء العمل معهم، وهذا أمر طبيعي في كل العلاقات البشرية، دائمًا ستكون هناك تحديات في التواصل مع بعضًا البعض سواء في العمل، أو المنزل، أو مع الأصدقاء نظرًا لاختلافاتنا، لكن ما يهم هو أننا دائمًا نسعى لإيجاد مساحة مشتركة تمكننا من التعايش مع بعضنا البعض، هذا فقط ما سيؤتي ثمارًا، لا ثقافة الحلطمة والتشكّي.

أيضًا أعرف أن هناك مدراء من نوعية الكائنات المدمرة نفسيًا ومهنيًا، في هذه الحالة أقول لك، انفذ بجلدك “لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا”. الحياة أقصر من أن نعيشها مع مصادر مدمرة.

—انتهى—

ملاحظة: هذا المقال مستلهم من مجموعة ملاحظات كتبتها حول أحد المدراء الملهمين الذين حظيت بفرصة العمل معهم قبل عدة سنوات، ممتنة لهذا المدير الذي علمني الكثير وآمن بقدراتي واستثمر في إمكانياتي بطريقة أثرت بشكل إيجابي على سنوات عملي اللاحقة..

الرسومات: من عمل الصديقة نرمين أبوزيد

انضم إلى قائمة القرّاء الرهيبين حتى تصلك مقالات مثيرة من هذه الغرفة الصغيرة!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *