إبدأ بكتابة رسالة إلى نفسك هكذا: أفكار+ مانيفستو الفنانة سارة العبدلي كمثال

بعد أن نشرت مقال الجبل والرسالة الأسبوع الماضي، وصلتني عدة تعليقات يمكن تلخيصها في جملتين: الأولى «ولكن كتابة الرسالة أمر صعب!»، والثانية «ولكن، ماذا أكتب!».

لذلك، في هذا المقال، سأشاركك بعض الأفكار التي قد تساعد على تهيئتك نفسيًا لأن تبدأ في كتابة رسالة إلى نفسك، ترجع إليها دائمًا لتذكرك بأهم القناعات/المبادئ في حياتك، وأنا أقول “أفكار” لأن الموضوع أعقد بكثير من أن يُسطّح في بضعة “خطوات عملية”.

لكن قبل كل شيء أريد أن أذكّرك: أنا لا أعرف، أنا لا أملك أجوبة، أنا فقط أجرب، وأشارك تجاربي وتجارب الآخرين كمصدر لاستلهام الأفكار.

الآن، هل أنت مستعد؟

لنبدأ.

١) عندما أقول “رسالة” فأنا لا أقصد رسالتك أو “خطتك” في الحياة بالمعنى المتعارف عليه في مجال تطوير الذات، ما أقصده بالرسالة هو بكل بساطة وجود وسيلة تذكيرية، تذكرك بالأمور التي يجب ألا تحيد عيناك عنها في جوانب الحياة المختلفة: عمل، علاقات، علم، دين، أيا كان.

٢) أعتقد أننا بشكل عام مهوسين بالكيفيات أكثر مما ينبغي، أؤمن من كل قلبي أن الأهم هو أن تتضح في أذهاننا الغايات/اللماذا لا الكيف، وكما قيل (If the intention is clear, the mechanism will appear) أي متى ما اتضحت النية، تجلّت الآلية، وطبعًا لا يخفى عليك، عزيزي القارئ، أن العمل على فهم اللماذا أصعب بكثير من العمل على إيجاد الآلية، أعني فكر لماذا تريد كتابة رسالة كهذه أصلاً، هل فعلاً تشعر أنك ترغب في القيام بهذا العمل من أعماق قلبك؟ إذا كانت رغبتك صادقة، فستتيسر لك الأمور وتجد الطريقة/الحلول التي تناسبك.

٣) طبيعي أن كتابة رسالة من هذا النوع أمر صعب، بل معقد، ويستغرق الكثير من الوقت، بل قد يستغرق أيامًا أو حتى شهورًا! ومن الطبيعي أيضًا أن تشعر بأنك لا تعرف ماذا تريد أساسًا، لأن هذه العملية هي جزء من التعرّف على الذات وهو باعتقادي التحدي الأكبر للإنسان على هذه الأرض، لكن المهم أن تبدأ في الكتابة، لأن الكتابة دلالة على التفكير، وأنت ببدئك الكتابة تدفع نفسك إلى التفكير فيما لم تفكر به بعمق من قبل، وهذا وحده إنجاز عظيم! وهو أيضًا نقطة الانطلاقة.

٤) على الأرجح أنك لن تكون الشخص ذاته بعد عدة سنوات، ستختلف نظرتك للحياة كلما خضت تجارب أكثر وتقدم بك السن، لذلك من الطبيعي أن تكون هناك تغيرات في محتوى الرسالة، لن تكون هناك نسخة “نهائية” أبدًا؛ يفترض أن تكون متجددة.

٥) إن كنت لا تعرف ماذا تريد بعد، فكر فيما لا تريد واكتب عكسه، واحدة من الأمور التي كتبتها في رسالتي لنفسي فيما يتعلق بجانب العمل، هي «أريد عمل يدعم حياتي لا حياة تدعم عملي»، بمعنى أني شخصيًا لا أريد حياة أقضي فيها معظم يومي في العمل، وأنا حقًا أحتاج أن أذكر نفسي بذلك كل يوم لأني مدمنة عمل، ولدي القابلية لأن أعيش حياة أعمل فيها ١٥ ساعة أو أكثر يوميًا، أيضًا لأذكّر نفسي ألا أخضع للتعريف السائد للنجاح والذي عادة يصور الناجح بأنه الشخص الذي يقضي ساعات لا تنتهي في العمل!

٦) أخيرًا، أود أن أشاركك مثال رائع لبيان (Manifesto) عظيم كتبته الفنانة سارة العبدلي لتذكر به نفسها بأهم المبادئ/القناعات التي تؤمن بها فيما يتعلق بعملها كفنانة، وقد شاركَته على صفحتها على الانستقرام.

النص الأصلي مكتوب باللغة الإنجليزية لذلك أترجمه لك على النحو التالي:

«آخر بيان كتبْته: – البراعة في المهارة والحرفة هي مقياس النجاح. – النجاح لا يعني الشهرة. -النجاح لا يعني رقم كبير من المتابعين. – النجاح لا يقود إلى الثقافة السائدة، – في الواقع، الثقافة السائدة هي في الغالب هراء. – الفنان ليس آلة تصنيع؛ يصنع، يدمر، يأخذ إجازة ويعيش. – أعمالي الفنية ليست مجانية، لن أقايض الفن بالمعارض [التي تقام] في المتاحف المبهرجة بلا مقابل. – لن أقايض الفن من أجل قضايا أنا لست منخرطة فيها. أستحق أن أعوض ماديًا كأي شخص آخر يقوم بأي عمل آخر. – أعمالي الفنية لن تزين فنادق مكة أبدًا. -من النفاق تصوير ضياع التراث الثقافي في عملي وتسويقه عبر منصات تساهم في المشهد الرأسمالي الحديث في المدينة. هذا رد على الإيميلات العديدة التي تصلني لكني أجد نفسي دون كلمات للرد. – لن أقف أمام أعمالي الفنية وأقوم بتقديم عرض [شرح] مفصل عنها. – لن أرد على الإيميلات التي تخاطبني باسم معرف حسابي على مواقع التواصل الاجتماعي. – لدي اسم. – لا لصنع أعمال لمجرد أن توضع لتزين انستقرام. – لا للاستخدام المبتذل لكلمة “جمالي” أيضا. – أرفض كل عمل فني مستشرق. – لست مضطرة لأن أشرح من أنا للإعلام/الأشخاص الذين يشعرون أنهم مهددين بالسيدات الشرقيات المسلمات “المُمَكَنات”. عدد المرات التي أسئل فيها عما إذا كنت مقهورة [مظلومة] بدلاً من الاهتمام بأعمالي، برحلتي، ومن أطمح أن أكون، هو فعلاً مثير للاشمئزاز. – أختصر على نفسي الوقت وأتجاوز الصحافة العربية لأنها ميتة. – لا يجب على الفنانين أن يدفعوا لأن تعرض أعمالهم. – أرفض أن تفسر أعمالي من وجهة نظر “نسوية الأبيض”. – أرفض أن تدار أعمالي من قبل رجال الأعمال المسيطرين على المشهد الفني. – أرفض استغلال المفاهيم الدينية والروحية من خلال الفن. -أرفض أن أكون امرأة مسلمة معتذرة للجمهور الغربي. – نعم.. لا يمكنني أن أشدد أكثر على هذه [النقطة]. – عندما تعتقد أنك وصلت، إبدأ من جديد»

سارة وبيانها مذهلان…أليس كذلك؟ لكن أرجوك لا تقع في فخ “النسخ-و-اللصق”، لكل إنسان رحلته وتجربته، أنا لم أدرج هذا المثال كنموذج تحتذي به، ابحث عن نموذجك الخاص بك.

–انتهى–

انضم إلى قائمة القرّاء الرهيبين حتى تصلك مقالات مثيرة من هذه الغرفة الصغيرة!

7 ردود على “ إبدأ بكتابة رسالة إلى نفسك هكذا: أفكار+ مانيفستو الفنانة سارة العبدلي كمثال”

  1. مُذهل مُذهل! حقيقي وانا اقرأ كان يدور في بالي اش راح اكتب في رسالتي وكنت احسب اني مااعرف او ماعندي شي اكتبه! ولكن لما قرأت النموذج..افتكرت اني من فتره طويله كنت ادون اشبه بالملاحظات استنتجها من بعد تجارب لي او بعد تفكير عميق في احد المواضيع وكنت ارجع لها بين كل فتره وفتره وكأنها زي اللي ترجعني للطريق والحين اكتشفت اني كنت اكتب رسالتي وانا ماادري(: مُمتنه لك بحجم السماء ❤️❤️.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *